يا
أرباب الذنوب العظيمة ، الغنيمة الغنيمة في هذه الأيام الكريمة ، فما منها
عوض و لا لها قيمة ، فمن يعتق فيها من النار فقد فاز بالجائزة العظيمة .
بشراك بأعظم بشارة كما قال النبي لأبي بكر : ] أنت عتيق الله من النار [ [size=7][ رواه الترمذي والحاكم وصححه الألباني (1482) في صحيح الجامع ]
ولا يلقاها إلا ذو حظ عظيم ، فعسى أسير الأوزار يطلق ، عسى من استوجب النار يعتق ، جعلني الله وإياك منهم .
وقد دلنا رسول الله على أعمال إذا قمنا بها كانت سببًا لعتق رقابنا من
النَّار ، وقد جمعت لك منها عشرين سببًا ، لتعمد إليها ، وتحاول القيام بها
جميعًا ، ضعها نصب عينيك ، حاول أن تجعل منها برنامجًا يوميًا ، ومشروعًا
إيمانيًا ، دراسة جدواه تقول : إنَّ أرباحه لا نظير لها ، ولا مثيل
لضخامتها ، إنَّه " العتق من النار "
قال تعالى : ] فَمَن زحزِحَ
عَنِ النَّارِ وَأدخِلَ الجَنَّةَ فَقَد فَازَ وَما الحَيَاة الدّنيَا
إِلاَّ مَتَاع الغرورِ[ [آل عمران : 185] فهذه أسباب العتق ، وقد بقي منك
العمل ، فلا تفتر فإنَّها أعظم جائزة وأفضل غنيمة .
فمن هذه الأسباب : (1) الإخلاص . قال : ] لن يوافي عبد يوم القيامة يقول : لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله إلا حرَّم الله عليه النار [ [ رواه البخاري ]
ومن أظهر علاماته : النشاط في طاعة الله ، وأن يحب أن لا يطلع على عمله إلا الله .
قيل لذي النون : متى يعلم العبد أنَّه من المخلصين ؟ قال : إذا بذل المجهود في الطاعة ، وأحب سقوط المنزلة عند النَّاس .
فإذا أردت الفوز بهذه المنزلة العظيمة فجدَّ واجتهد ، وشد المئزر ، وأرِ
الله من نفسك شيئًا يبلغك رضاه ، وبقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى ، وعلى قدر
جدِّك يكون جدّك ،
(2) إصلاح الصلاة بإدراك تكبيرة الإحرام . قال : ] من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له
براءتان : براءة من النار و براءة من النفاق [ [رواه الترمذي وحسنه
الألباني (6365) في صحيح الجامع ]
وهذا مشروع إيماني ينبغي أن
تفرغ له نفسك ، إنها مائتا صلاة ، فاعتبرها مائتي خطوة إلى الجنة ، فهل
لا تستحق سلعة الله الغالية أن تتفرغ لها ؟
(3) المحافظة على صلاتي الفجر والعصر . قال : ] لن يلج النار أحد صلَّى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها - يعني الفجر والعصر[- [ رواه مسلم ]
وهذا بأن تصليهما في أول الوقت ، وتحافظ على أداء السنة قبلهما
قال : ] ركعتا الفجر خير من الدنيا و ما فيها [ [ رواه مسلم ]
وقال : ] رحم الله امرءًا صلَّى قبل العصر أربعا [ [رواه أبو داود والترمذي وحسنه الألباني (3493) في صحيح الجامع ]
(4) المحافظة على أربع ركعات قبل الظهر وبعده قال : ] من يحافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرَّمه الله على
النار [ [ رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه الألباني (584) في
صحيح الترغيب ]
فهذا الفضل لا يحصل إلا لمن حافظ على هذه الركعات، وبعض العلماء يرى أنَّها سنة مؤكدة لما لها من جزاء عظيم .
فإذا وجدت نفسك تستصعب هذا فذكرها ] حرَّمه الله على النار [color=#800000]يها تعتاده ، وإنه ليسير على من وفقه الله تعالى
(5) البكاء من خشية الله تعالى قال : ] لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ، و
لا يجتمع غبار في سبيل الله و دخان جهنم في منخري مسلم أبدا [ [ رواه
الترمذي والنسائي وصححه الألباني (7778) في صحيح الجامع ]
فهنيئًا
لك إذا صحت لك دمعة واحدة من خشية الله ، فأنت في ظل عرش الرحمن يوم الحشر
: فإنَّ من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظلَّ إلا ظله ] رجل
ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه [ [ رواه مسلم ]
فنعوذ بالله من عين لا تدمع من خشيته ، ونسأله عينًا بالعبرات مدرارة ، وقلبًا خاشعًا مخبتًا
(6) مشي الخطوات في سبيل الله عن يزيد بن أبي مريم قال : لحقني عباية بن رفاعة بن رافع رضي الله عنه
وأنا أمشي إلى الجمعة فقال أبشر فإن خطاك هذه في سبيل الله سمعت أبا عبس
يقول قال رسول الله : ] من اغبرت قدماه في سبيل الله فهما حرام على النار [
[ رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وصححه الألباني (687)في صحيح الترغيب]
فاحتسب كل خطوة تخطوها في سبيل الله ، ممشاك إلى المسجد ، وأعظمها تلك الخطوات إلى صلاة الجمعة .
(7) سماحة الأخلاق . قال : ] من كان هينا لينا قريبًا حرمه الله على النار[ [ رواه الحاكم وصححه الألباني (1745) في صحيح الترغيب ]
قال المناوي : ومن ثم كان المصطفى في غاية اللين ، فكان إذا ذكر أصحابه
الدنيا ذكرها معهم ، وإذا ذكروا الآخرة ذكرها معهم ، وإذا ذكروا الطعام
ذكره معهم. [ فيض القدير (6/207) ]
فكان كما قال الله تعالى : ] بِالمؤمِنِينَ رَؤوفٌ رَّحِيمٌ [ [ التوبة : 128 ]
فكن سمحًا في سائر معاملاتك مع النَّاس ، باشًا في وجوههم ، وتبسمك في
وجه أخيك صدقة ، حليمًا غير غضوب ، لين الجانب ، قليل النفور ، طيب الكلم
، رقيق الفؤاد ، فإذا اشتد أخوك فعامله بالرفق لا الخشونة . ولا تنسَ "
إنَّه العتق من النار "
( إحسان تربية البنات أو الأخوات قال : ] ليس أحد من أمتي يعول ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا
كنَّ له سترا من النار[ [ رواه البيهقي وصححه الألباني (5372) في صحيح
الجامع ]
وقال : ] من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن ، وأطعمهن
، وسقاهن ، وكساهن من جدّته كنَّ له حجابا من النار يوم القيامة [ [ رواه
الإمام أحمد وابن ماجه وصححه الألباني (6488) في صحيح الجامع ]
اعتق .. تعتق .
فقد مضت الحكمة الإلهية والسنة الربانية بأنَّ الجزاءَ من جنس العَمل ،
فمن أراد أن يعتق غدًا من النَّار فليقدم قرابينه فيسعى في عتق الأنفسِ .
قال : ] أيما امرئ مسلم أعتق امرءا مسلمًا فهو فكاكه من النار ، يجزي بكل
عظم منه عظما منه ، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة فهي فكاكها من
النار ، يجزي بكل عظم منها عظما منها ، وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين
مسلمتين فهما فكاكه من النار ، يجزي بكل عظمين منهما عظما منه [ [ رواه
الطبراني وأبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه الألباني (2700) ]
وإذا كان هذا متعذرًا في زماننا ، فإنَّ فضل الله لا ينقطع ، فثمَّ أعمال
صالحة إذا قام بها العبد كانت كعتق الرقاب ، فهذه قرابينك يا من تريد عتقًا
، عسى أن تقبل فأبشر حينها بكل خير .
(9) الجلوس للذكر من بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس ، أو من بعد صلاة العصر حتى المغرب ، تشتغل فيها بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل .
قال : ] لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع
الشمس أحب إليَّ من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل ، دية كل واحد منهم اثنا
عشر ألفا ، ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغربَ الشمس
أحب إلي من أن أعتق أربعة [ [ رواه أبو داود وحسنه الألباني (5036)
في صحيح الجامع ، (2916) في الصحيحة ]
وقال : ] لأن أقعد أذكر
الله تعالى وأكبره وأحمده وأسبحه وأهلله حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق
رقبتين من ولد إسماعيل ، ومن بعد العصر حتى تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق
أربع رقبات من ولد إسماعيل [ [ رواه الإمام احمد وحسنه الألباني في صحيح
الترغيب (466) ]
10) اللهج بهذا الذكر العظيم بعد صلاة الفجر قال : ] من قال دبر صلاة الفجر وهو ثاني رجله قبل أن يتكلم : لا إله إلا
الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، بيده الخير ،
وهو على كل شيء قدير . عشر مرات كتب الله له بكل واحدة قالها منهن حسنة ،
ومحي عنه سيئة ، ورفع بها درجة ، وكان له بكل واحدة قالها عتق رقبة ، وكان
يومه ذلك في حرز من كل مكروه ، وحرس من الشيطان ، ولم ينبغ لذنب أن يدركه
في ذلك اليوم إلا الشرك بالله[ [ رواه النسائي في الكبرى وحسنه الألباني
(472) في صحيح الترغيب]
وفي رواية : ]وكن له بعدل عتق رقبتين من ولد إسماعيل [ [ السلسلة الصحيحة (113) ]
[/size]